الرجل الأخرق - خوف
لا توجد مُقدمات في تلك المرة فكل ما أود قوله أنني خائف.
أنا خائف كثيراً أن أكون على طريق خاطئ أتتبع خُطى أشخاص جاهلين؛ فما هو مقدار استخدام عقلي في مُقابل اتباع من سبقوني ؟
أنا خائف من الموت وتلك الرحلة المجهولة التي سأذهب إليها وهذا المكان الضيق الذي سيقبع به جسدي وتلك الكائنات الصغيرة التي ستتمكن من جسدي الكبير والمصير المجهول الذي سألقاه.
أنا خائف من فقدان أي شخص ستصعب حياتي من بعده أخشى كثيراً أن يظل هذا الشخص موجود في عقلي واراه في وجوه المارة خائف أن لا أدرك أنه حقاً لم يعُد موجود.
أنا خائف من الأشخاص الذين اُقابلهم في الشوارع وبالمواصلات أشعر في بعض الأوقات أنهم سيقومون بضربي أو سرقة ما تبقى لي من عقل؛ أحاول أن أتجنب الحديث إليهم أو النظر إلى أعينهم التي أرى فيها الكثير من السوء.
أنا خائف من إقحام نفسي في علاقة مع إحداهن حتى يُضيع عقلي بفعل الحب ومن ثم أسير خلف هواي مُتناسياً أنني في عالم يصعب فيه إستمرار العلاقات وعالم يصعب فيه احتواء الأرواح لبعضها البعض.
أنا خائف من التعود على الوحدة فكل ما أصبحت أتخيله عن مُستقبلي هي أشياء أصنعها بمفردي؛ أظن أنني مع الوقت أصبحت أغفل عن فكرة أن هذا العالم بدأ بزوجين؛ اصحبت اظن انه بدأ بشخص يعشق الوحدة ويعتاد عليها مثلي.
أنا خائف من مواجهة الحقائق؛ خائف من مواجهة نفسي أن عقلي يقبع بداخله الكثير من الخلل؛ خائف من مواجهة نفسي أنني أسير على خطى رجل فقد عقله وأصبح سائراً في الشوارع يُعامل على أنه رجل مجنون؛ خائف من مواجهة عائلتي وهذا المجتمع أنني لا أريد السير على خطاهم؛ وأن افكارهم عني وعن الحياة تختلف كثيراً عن ما أراه أنا؛ خائف من مواجهة نفسي ان الحياة تتحول تدريجياً لحياة هذا الرجل التقليدي الذي يعمل .. يجني المال .. يتزوج .. ينجب .. يموت.
أنا خائف من مقابلة أشخاص ما؛ من المفترض أن تربطني به صلة قوية ولكن حالت بيننا أشياء كثيرة جعلتني أخشى رؤيتهم واتخفى بين وجوه العابسين في الشوارع حتى لا يروني.
أنا خائف من السجن سواء بمعناه المادي؛ ان اسجن خلف بعض القضبان ويتحكم أحدهم في ميعاد أكلي ونومي ومتى آرى النور ومتى لا ارى سوى الظلام الكالح؛ او بمعناه المعنوي ان اسجن بين أفراد المجتمع لا استطيع فعل ما أهوى.
أنا خائف.
نوفمبر ۲۰۱٦