عن الخيبات
سألتني مبتسمة: ما هو عمرك يا عزيزي؟
أخذت اعدد الخيبات واحدة تلو الآخرى كي أصل إلى عمري الحقيقي ولكني لم أصل إلى نتيجة.
لا أعتبر أن تلك السنوات التي قضيتها في هذا العالم هي المعيار الحقيقي لعمري، فكل خيبة أمر بها أشعر أنها تأخذني نحو الهرم وكل حماقة أفعلها ترجع بي إلى الطفولة.
الخيبات تأتي واحدة تلو الأخرى وكأنها وجدت في حياتي خير مسكناً لها، منذ عام مضى .. عفواً منذ ليلة مضت كان لدي الكثير من الأحلام عن المستقبل كانت لدي رغبة جامحة كي أحقق الكثير والكثير ولكن سرعان ما تنتهي تلك الأحلام حين ترتطم بالواقع الذي لا يترك لي سوى الإنتكاسات، تملئ رأسي الكثير من الخيالات عن المشاعر النبيلة كالإنسانية والحب ولكنها تقتل سريعاً حين أتعامل مع هؤلاء البشر الذين لا يرون في عيوني سوى أنفسهم ومن ثم يتعاملون معي بمنتهى الأنانية، الخيبات تتواجد في كل شئ حولي؛ في وطن لا يسمعني ومحكوم علي بالبقاء فيه حتى وإن تركه جسدي الممل، في روتين أقحم نفسه في حياتي فجأة فجعلني أسير في نفس الطرقات كل يوم وانام على نفس الجانب كل ليلة وأتحدث إلى نفس الناس كل يوم وأسمع نفس ذات العبارات المزيفة عن الإيمان والصبر وأسمع نفس ذات الشكوى اللعينة من الواقع ومن يتحكمون فيه وأسمع نفس ذات الأحلام المزيفة عن المستقبل وأسمع نفس الآراء السياسية والدينية والمجتمعية والطبية وأسمع وأسمع، لقد أصبحت مثل هذا الميكروفون اللعين الذي يتحدث الناس فيه رغماً عنه وهو عاجز عن البوح بما يشعر به.
تتابع الخيبات يقتلني على مهل، ماذا يريد مني هذا العالم الذي لا اُريد شيئاً منه سوى السكون.