ثمانية أعوام
ستختلط مشاعر الجميع الآن، سيفرح أحدهم بمن رحلوا كونهم في عالم جديد قد يكون الأفضل، وسيحزن آخرون بسبب ما يشعرون به من فقد، سيشعر أحدهم بالتيه حين يتذكر أن هذا التاريخ كان سبباً في أن يفقد سيده ويجد نفسه مجرداً لا يجيد استخدام عقله، وسيشعر أحدهم بالانتصار لأن هذا الحدث تمت مصادرته خلال السنوات الماضية ورحلت معه أحلام الكثيرين، سيشعر أحدهم بالفخر ظناً منه أنه من أشعل هذا الفتيل هو ورفاقه، وسيشعر آخر بالخزي لأنه لم يؤمن بهذا الحدث منذ لحظته الأولى، سيلعن أحدهم هذا التاريخ ويمجده الآخر، مشاعر كثيرة ستخترق قلوب الجميع.
أظن أن مصطلح الذكرى يطلق على الأشياء التي حدثت في وقت سابق ثم توقفت لنتذكرها بعد ذلك؛ لذلك لا أظن أنه المصطلح الأفضل ليطلق على ‘ثورة يناير'، منذ ثمانية أعوام يتجدد هذا الحدث بداخلي، يلاحقني ليذكرني أنني بدونه لم اكُ شيئا، مجرد فتىً شريداً لا يطلق كلمة حلم سوى على ما يراه أثناء نومه، قد يرى البعض أن الثورة لم تنجح وقد نتجادل في هذا مراراً وتكراراً في الأسباب والنتائج ولكن من منظوري الشخصي -المحدود- الثورة نجحت بالفعل؛ فيكفي بالنسبة لي أنني لست نفس هذا الشخص الذي كان على تلك الأرض قبل عام 2011.
بعد مرور ثمانية أعوام أظن أن ما يجب علي فعله الآن ليس الدخول في صراع الدفاع عن طهر هذا الحدث ومحاولة تصحيح فكرة أن أنانية البعض وسوء أفعالهم لا يجب أن تلوث الفعل نفسه، ما اُريد فعله حالياً هو أن أتعامل مع نفسي على أنني هذا الطفل حديث الميلاد والذي ولد منذ ثمانية أعوام وهو بحاجة إلى أن يتعلم ويتعلم، بحاجة إلى أن يصنع مزيد من الأشياء التي تجعله يشعر بالإنجاز ويكون على قدر المسؤولية لما قد يلاقيه في المستقبل.