القاهريون لا يضحكون

في كل مرة أضطر فيها إلى الذهاب للقاهرة أشعر أنني في مدينة على حافة من الانهيار ومن ثم يسرع ساكنيها لقضاء حوائجهم قبل حدوث الانهيار.
المدينة صاحبة السكان الكثيرين والوافدين الكثيرين لا تهتم بمن يقبعون بداخلها وهم ايضاً لا يهتمون بها، أثناء السير في شوارع القاهرة سيدفعك أحدهم ليلحق بالميكروباص ولن يهتم كثيراً بالإعتذار عن ما بدر منه، الجميع في سباق مع الوقت ولقمة العيش، الجميع يحاول أن ينهي كافة المهام التي دفعته للنزول إلى الشارع كي يعود سريعاً إلى منزله.
لقد أفقدتهم تلك الصراعات القدرة على رسم البسمة على وجوههم؛ فعندما تنظر إلى من يقبعون داخل عربة المترو ستشعر لوهلة أنك في فيلم خيالي يقوم فيه البطل بدور عشرات التوائم؛ فبرغم اختلاف أسباب البؤس المرسوم على وجه القاهريون ستجدهم متفقين على أن لا يبتسموا ويحملون نفس ذات التعبيرات على وجههم.
هل هم بائسين بشكل زائد عن المتعارف عليه أم أن المدينة هي من تدفعهم إلى هذا البؤس ؟
في واقع الأمر أرى أن المدينة هي التي تدفعهم إلى هذا البؤس، اختفاء الجمال عن المدينة يجعل عيونهم لا ترى سوى كل ما هو قبيح، وازدحام المدينة يجعل أذانهم لا تسمع سوى السباب واصوات السيارات والشجار بين المارة، واللانظام الموجود في وسائل المواصلات هو أحد أهم عوامل الإرهاق، أنا أشعر أنها عشوائية منظمة لصالح الحكومات؛ فوجود المواطنين في تلك الصراعات يجعلهم يصارعون من أجل شراء بعض الأشياء أو الحصول على مواصلة كي يعودوا سريعاً إلى منازلهم منهكين غير قادرين على التفكير في شئ سوى في مشاوير الغد ومواصلات الغد، لا مساحة للحلم بمستقبل أفضل أو التفكير فيما يفعله من يقبعون في مكاتبهم ومن المفترض أنهم يتولون شأن البلاد.
أعلم أننا محظوظون كثيراً في الأسكندرية لأنه برغم الإزدحام ستكون قادر في النهاية على التقاط أنفاسك في إحدى الشوارع الخاوية او ان تسرق عيناك بعض النظرات إلى شاطئ البحر.
ديسمبر ۲۰۱٧

FIND OUT MORE

Back to Top