خوف

كُنت اُفكر فيما يميز أحدنا عن الأخر ولم أنتهي إلي شئ سوى اختلاف مخاوفنا ومن ثم اختلاف أفعالنا وآرائنا، الخوف هو المحرك الرئيسي لكافة ما نفعله وما لا نفعله.
كلمة لا دائماً ترتبط بخوف ما يدفعني نحو البعد عن هذا الشئ حتى وإن لم أكن أعرفه فأرفضه خوفاً، الخوف هو أحد أهم الأشياء التي تسيطر على عقلي فكلما تتبعت أفكاراً لي وقرارات أجد أن للخوف بصمته في رفضها أو قبولها، الخوف هو شعور إنساني طبيعي رغم محاولة البعض لنفيه عن أنفسهم أو عن الأخرين طالبين منهم عدم الخوف، ولكن الأهم هو أن اُدرك مما أخاف وكيف اسيّر أموري برفقة هذا الخوف.
ثقافتنا تجاه الخوف تشكل كثيراً من أفعالنا وقراراتنا، الشجار القائم طوال الوقت بين الكبار والصغار سواء كانوا أباء أو امهات هو شجار يتعلق بالخوف على أبنائهم، ما ترفضه عائلة وتوافق عليه أخرى يكون بدافع الخوف؛ وسواء كان قرارهم الموافقة أو الرفض يظل الخوف قابعاً في روح كليهما.
مؤخراً أدركت أن محاربة المخاوف هي معركة خاسرة سأكون غبياً بالمضي فيها؛ لذا كان من المنطقي أن أعيش أنا والخوف وكأننا أصدقاء لا غنى لبعضنا عن بعض، لقد أصبحت أتقبله مثلما تقبلني هو منذ أمد بعيد؛ كل ما يقلقني منه هو الخوف من اللاشئ والذي يجعلني شريداً.
في المحاولة الأخيرة لإنتاج عملاً وثائقياً اخترت أن أتحدث عن الخوف وأصبح لاحقاً عملاً محبباً لي لأنني أطلقت سراح مخاوفي على لسان بطل هذا العمل؛ اننا بالفعل نتشارك الكثير من المخاوف ولكن بسبب هذا الكتمان الذي فرضناه على أنفسنا وفرض علينا أصبحنا نظن أننا وحيدين في هذا العالم ولا يشاركنا أحد ما نشعر به.
معرفتي الأولى بالرب الذي أعتنق ديانته الآن مع للأسف قد بدأت بالخوف منه ولم تبدأ حباً كما يجب أن يحدث، عندما أنظر الآن إلى أعين الصغار وهم يسمعون فقط عبارات تجعلهم يظنون أن هذا الرب ما هو إلا وحش سيضعهم في حفرة مليئة بالنار أشعر أن الحب قد شاخ في هذا العالم، نحن نتربى على الخوف من كافة الأشياء سواء كانت جمادات أو كائنات حية، كنت أتمنى لو أن الكبار قد زرعوا بداخلنا الطمأنينة بدلاً من هذا الخوف، كنت أتمنى أنا لا أخاف أن أكتب أنني خائف.
مارس ۲۰۲۰
Back to Top