رسالة إلى أطفالي

….تحية طيبة إليكم يا أطفالي
أردت أن أكتب إليكم رسالتي هذه كي اوضح لكم حقيقة ما قد يفهم خطأ عني.
لقد فكرت كثيراً في مُستقبلكما في هذا العالم؛ تخيلتكما كثيراً بين هؤلاء الصغار الذين أراهم كل يوم؛ أتعلم يا بُني انني رأيت وجهك في أحد هؤلاء المُشردين في الشوارع ورأيت أختك الصغيرة في وجه تلك الصغيرات اللواتي قُتلن في القصف؛ رأيتك تقف حائراً بينما أنا وامُك نتشاجر بصوت مرتفع كالضجيج ونلوم بعضنا البعض على التفاهات وانت تقبع بيننا وعيناك تملؤها الخوف؛ رأيتك في عيون طفل يحمل حقيبة مدرسته الثقيلة بينما عقله خاوي؛ رأيت اختك في أعين تلك الصغيرة التي تقطع امها جزءاً من جسدها بدون مُبرر سوى “العادة” وكذلك رأيتها في أعين تلك الصغيرة التي يتحدثون إليها عن الزواج وكأنها لم تخلق من أجل شئ سواه.
كنت أود يا بُني أن أضمك انت واختك وأن أجعل من أحضاني عالماً لكما ولكن هذا محض خيال؛ فأحضاني ليست العالم الحقيقي الذي ستعيشون فيه يا صغاري، هذا العالم سئ بدرجة بشعة واخشى عليكم منه كثيراً، حقاً الأمر لا يتعلق بوفرة المال من عدمه فالأمر أصبح أسوأ بكثير؛ أنا أثق أن الله سيرزقني بكما ولكني لا أثق في تلك الشوارع التي ستسيرون فيها؛ لا أثق في المارة؛ لا أثق في معلمتكم؛ لا اثق في هذا العالم الحقير.
ليس من الشرف أن أكون سبب في وجودكما في هذا العالم الذي أود مفارقته في كل ليلة؛ لا أعلم يا أطفالي هل أن أناني او فقدت عقلي أم أن هؤلاء الذين يدعون الله أن يرزقهم أطفالاً هم الأبطال الحقيقيون وأنا مجرد شخص جبان، ولكني لم آرى في أعين هؤلاء الداعين بعد أن رزقهم الله أطفالاً سوى الخوف والضيق بسبب مستقبل أطفالهم.
يا أطفالي هذا العالم لا يعرف الحب؛ لا يعرف رائحة الورود والقهوة، هذا العالم يعرف القتل والكره والظلم؛ يعرف رائحة الدماء وأدخنة الحرائق، هذا العالم يسحق كل ما هو جميل؛ لا أريد لكما أن تُماراسا الكذب والقتل والجهل بلا استحياء؛ اريدكما أن تقبعا في تلك السماء الطاهرة التي دائماً أنظر إليها لأتذكر أن ثمة جمال ما زال في هذا العالم؛ انتظراني بجوار ربي وربكما.
لو حدث شيئاً يا أطفالي في هذا العالم غير موقفي فربما سنقرأ رسالتي هذه  ونحن نضحك سوياً، أردت أن أضمكما.
أبريل ۲۰۱٧

FIND OUT MORE

Back to Top