أصواتنا عورة

كان البعض ومازال يقولون “صوت المرأة عورة” وعلى غرار تلك المقولة العبثية أظن أن في تلك المرحلة أصواتنا جميعاً عورة ولا فائدة منها، أشعر في كثير من الأحيان وأنا أتحدث معبراً عن نفسي وعن أفكاري أنني أصرخ بينما أنا أقف خلف أصم لا يرى تعابير وجهي؛ وبالتأكيد لا يسمع من صراخي شيئاً.
غريب هذا العالم الذي يحكمه الطغاة؛ الذين يسعون إلى الخلود رغم أنهم خلقوا من أجل الفناء مثلنا تماماً، كنت اُفكر فيما قدمه الطغاة إلى مُريديهم حتى يحصلوا منهم على كل هذا الدعم المطلق، ثم أدركت أنهم لم يقدموا ولن يقدموا لهم شيئاً سوى الخوف، الخوف وحده يكفي ليكون سوطاً تُضرب به أجساد هؤلاء الذين غلبهم الفقر أو غلبهم الجهل أو من اعتادوا المذلة ويشعرون بالتيه حين يفقدون ربً من أربابهم.
الوضع يزداد جنوناً، ربما منذ عدة سنوات مضت لم أكن أكترث لما يحدث ولكني اُصبت بلعنة الإدراك والتي تقود عقلي طوال الوقت إلى البؤس، لا أعرف هل في تلك المرحلة علي أن أدعو الله أن يعود بي إلى هذا المربع الذي كنت لا أدرك فيه ماهية الأشياء أم أدعوه أن يصعد بي إلى السماء لعلي أرى هذا العالم المُريب من الأعلى لربما أفهم ما يحدث فيه.
لقد أصبح الأمر عبثياً لدرجة أن من تعودوا على الصمت ومارسوه على مدار أعوام هم من يحثُك على ضرورة الحديث والتعبير عن رأيك وكأنهم فجأة قد هبطوا علينا من عالم آخر، أنا لا أقول أن الناس عليهم أن لا يغيروا أفكارهم لأن من يحكمون على أنفسهم بعدم التغيير يحرمون أنفسهم من مراجعة الأفكار والأراء التي كونوها بناءاً على خبرات ومعرفة سابقة؛ ولكن بالنسبة لي إدعاء التغيير بدافع الخوف هو فعل من أفعال البجاحة، لقد أصبح الأمر عبثياً لدرجة أن من بلغوا من الكبر عتياً وعتياً يقررون مستقبل الشباب لسنوات قادمة ربما لن يعيشونها؛ كأنهم يعتقدون أن الخضوع للطغاة سيكون من ضمن الصدقات الجارية التي ستضاف إلى أعمالهم بعد مماتهم.
أظن أن أحد الأزمات الكبرى في صراع الأجيال الحالي تتعلق بعدم “التفرقة ما بين الحق والمنحة” فيظن بعض أبناء الجيل المنصرم أن ما يمنحه إياهم الحكام هو منحة يجب أن يُحمدوا عليها، ربما هو شيئاً أصبح راسخاً في عقولهم أننا بلا حقوق، أو أن البشر قد فطروا على الذل والمهانة، وأن هذا الإنسان صاحب الحقوق هو اسطورة لشخص خارق يظهر فقط على شاشات السينما.
:رسالة إلى النسيان
إلى أبناء الجيل المنصرم؛ أحدثكم أنا هذا الصغير في عيونكم، نحن على متن سفينة واحدة؛ وليس من العيب أن تستمعوا وتنصتوا إلينا حتى لا نجلس سوياً نبكي بجوار رفات سفينتنا، لا تغرنكم أعماركم وتجعلكم في معزلاً عن الاستماع إلى من هم أصغر منكم، ربما بدافع الخوف على أبنائكم ترضخون للكثير من الأشياء حالمين بمستقبلٍ أفضل لهم، ولكن لا مستقبل لنا ونحن نسير مُطئطئين رؤوسنا ونخشى النظر إلى الأعلى، لا مستقبل لنا ونحن خائفون.
أبريل ٢٠١٩
Back to Top