شهوة

سلام؛ ربما كان من المعتاد أن اُنهي رسالتي إليكِ بالسلام ولكنني قررت أن ابدأ به لعل من يقبعون في هذا العالم يتسع صدرهم إليه، ولعل روحي هي الأخرى تدرك أن بدون هذا السلام لن يقوى جسدي على مسايرة هذه الحياة.
العالم بدا لي وكأنه سالماً معافا وكأنني فجاة قد استيقظت في الجنة التي لا أعرف لها شكلاً ولكنني أتوسم فيها بالجمال أملً في النجاة من هذا المستنقع الذي أنا فيه، العالم في عقلي يختلف كثيراً عن الذي أعيشه وأصبحت كممثلٍ قد أتقن دوره فقرر أن يكمل النص من وحي خياله بعد نهاية دوره في الفيلم.
ما هو مقدار شهوتك تجاه النجاح وجني المال وكيف ستشبعها؟
بعبارة أخرى: ما هو مقدار شهوتك للشعور بذاتك؟
سؤالاً محيراً تتعدد فيه الإجابات بحسب القدرة على التحكم في مقدار حبي للعالم وبالتبعية مقدار ما أمتلكه من الرضا وقت اجابتي، ولكنني أجد ان هذا السؤال يتحكم في الكثير من تصرفات البشر ويدفعهم لارتكاب الكثير من الحماقات بدوافع مثل الطمع والانتقامية وغيرهما من الأشياء التي تخرج البشر من نطاق انسانيتهم، مؤخراً أصبحت أتجنب النقاش مع من يأخذون الحياة على كاهلهم أكثر من اللازم ويحاولون جني الكثير من المكاسب الوهمية لاشباع رغباتهم؛ لأنهم قد يتعمدون أذية من حولهم في مقابل تلك المكاسب أو قد يفعلون ذلك عن غير عمد نظراً لما فقده عقلهم نتاج هذا الطمع؛ والحالتين أسوء من بعضهما، كما أن العالم أقل قدراً من هذا الصراع.
لقد أدركت شعور هذا الكهل الجالس في كرسيه على المقهي لا يحرك ساكناً؛ لا يهتم بهمس المحيطين ولا بصراخهم، لقد أدركت أنه ربما علينا أن نطمح بالمزيد ولكن لا نطمع فيه، أدركت أن المرء بمرور الزمن تزداد عبوديته للأشياء إما بسبب اعتياد وجودها أو بالخوف من فقدانها، أدركت أن عقلي وروحي يستحقان المزيد من العناية وليس العناء، أدركت أن الرحيل عن هذا العالم آتٍ لا محالة فلما الخوف من فقدانه؟
وهن جسدي شيئاً فشئياً يخبرني أنني أتلاشى وبرغم أنها حقيقة أتقبلها لكنني أخشى كثيراً أن أتلاشى قبل إنجاز بعض المهام التي أعتبر أن باتمامها سأكون قد حاولت فعل شيئاً في هذا العالم.
أود كثيراً أن أزرع حباً حتى وان حصدت الكراهية من الآخرين فذلك لا يعنيني، الكراهية لا تمثلني حتى وان دفعني البعض أن أسلك طريقها سأظل محاولاً الابتعاد حتى وان صرت متقوقعاً في عالمي الموازي كي استمد منه الحب.
يونيو ۲۰۲۱
Back to Top