28
نعم لقد بلغت عامي الثامن والعشرين، ولأنني لا أعرف ماذا يدفع المرء كي يحتفل بيوم ميلاده أصبحت أخفي هذا اليوم عن من لا يعرفونه وكأنه قد أصبح سراً، ربما لا أعرف هل علي أن أحتفل أنني أنهيت للتو عاماً بحلوه ومره أم أحتفل أنني أبدأ عاماً جديداً؛ أم أنه احتفالاً رمزياً بذكرى الميلاد؛ وعلى ذكر يوم الميلاد فقد أخبرتني أمي أن ولادتي كانت متعثرة وشيئاً من الإله أتى بي سالماً عكس التوقعات، ولكنني لا أعرف في الحقيقة هل يحظى أصحاب الولادة المتعثرة بحياة متعثرة أم لا؟
لقد بلغت عامي الثامن والعشرين دون أن ينبهني أحدهم، في الحقيقة أشعر أنني للتو قد خرجت من رحم أمي وأنني مازلت استكشف أين أنا ولماذا خرجت من السكينة إلى هذا الضجيج، في آخر مرة حدقت في المرآة على غير العادة وجدت أن الكثير من شعري قد شاب؛ ورغم أن هذا الشعر الأبيض لن يغير من عمري كثيراً وأن روحي هي القادرة على تغيير عمري؛ لكنني انزعجت قليلاً وشعرت ان الوقت قد خدعني ولم ينبهني لحقيقة أنني أكبر وأن هذا الطفل سوف يتلاشى. 
أمتلك الآن الكثير من الأحلام التي أسعى إليها بقدراً غير كافياً رغم أنها لا تسعى إلي، أشعر دائما أن الوقت هو الشيء الوحيد الذي يستحق الصراع كونه قادراً على نفاذ جسدي لذلك أتمنى تحقيق الكثير مما أود القيام به قبل أن أرحل.
إنني على يقين أنه مازال لدي الكثير والكثير لأفعله وأنني لم أفعل شيئاً حتى الآن وأن ما مضى هو مجرد تمهيداً للكثير الذي يقبع في رأسي، ورغم أن بعض نجاحات بدايات العشرينات أوقعتني في فخ أنني سأحقق الكثير والكثير دون عثرات؛ لكنني أدركت أنني كنت مخطئاً، أشعر في الأيام الحالية التي أعيشها أنني مثل فصلة منقوطة وكل الأحداث الحالية ما هي إلا نتيجة لما سبقها من أحداث، فهل لي من بداية جديدة؟
أود كثيراً أن أكون متصالحاً مع كافة الإخفاقات التي أفعلها؛ وأن أتوقف عن لوم نفسي على كل كبيرة وصغيرة؛ وأن أتصالح مع الهزيمة كما أتصالح مع النجاح؛ أود كذلك أن أتقبل كراهية أحدهم لي وأسعد بحب الآخرين، أن أتوقف عن القلق الزائد وأن لا أتوقع الأسوء، أن أتقبل الألم وأدرك أن ثمة أشياء مؤلمة يمكننا العيش بها دون استئصال.
يوليو ٢٠٢٢