المدينة الوهمية

دائماً تنسب الإنجازات الفنية التي تحدث في مصر إلى أشخاص سكندريين الأصل على اعتبار أن الأسكندرية تنتج طوال الوقت أشخاص مبدعين يغزون بفنهم أغلب الأعمال الفنية، وفي هذا شئ من الحقيقة، ولكن أين يتحقق هذا النجاح؟
الأسكندرية مدينة قاتلة للأحلام والفرص، فهناك على بعد بضعة كيلومترات تقع مدينة تُسمى القاهرة، تمتاز بسوء طقسها وازدحامها ولكنها هي المفر الوحيد للهروب من الأسكندرية التي أصبحت أشبه بالنكتة المملة، هي نكتة تتأهب كثيراً كي تسمعها وتضحك ولكن تكتشف أنها هي من تضحك عليك.
في الأسكندرية يتقاتل الجميع ويتصارعون طوال الوقت من أجل 100 قرش لا أكثر من ذلك، فالمدينة تعود المبدعين والمدعين فيها على بخس أنفسهم وكأنهم بلا قيمة؛ وبالتالي تعود أصحاب الأموال على معاملتهم على أنهم جماعة من الهواة أو من العبيد إن أردت قول ذلك ومن ثم لا يمنحوهم أي قدر من الاحترام، ولكن هل المشكلة في أصحاب الأموال أنفسهم؟
من وجهة نظري أن الجميع يتحمل تلك النتيجة البائسة ولكن النصيب الأكبر من هذا يتحمله المبدعون والمدعون، رغبة أحدهم في عدم التوقف عن العمل -وقد يكون معذور في ذلك- تجعله يقبل العمل بالأقل من ربع أجره ظناً منه أنه بعد العمل على ما يقرب من خمسة مشاريع سيحصل ثمن مشروع واحد في القاهرة وبالتالي لا مشكلة في قليل من الانبطاح.
علينا أن نستمتع سوياً بتلك المدينة الوهمية ونحاول أن نخدع أنفسنا بهذا الجمال المندثر، وعلينا أيضاً أن نبحث عن رفاق مزيفين ليشاركونا هذا الوهم.
.تحياتي

أغسطس ۲۰۱٨

FIND OUT MORE

Back to Top