قولبة
من الجيد أن تذكر نفسك بنفسك دائماً، من أين جئت؟ وإلى أي شيء تطمح؟ ما هي فكرتك عن الحياة؟ وما هي فكرتك عن الإيمان؟ إلى أي عالم تريد أن تنتمي؟ وإلى أي عالم ترفض الانتماء؟ ماذا تحب؟ ماذا تكره؟
لا أحب من لا يجيدون تعريف أنفسهم لأنفسهم بغض النظر عمن لا يجيدون تعريف أنفسهم لمن حولهم فهذا آمر آخر، في الحقيقة من الممكن دائماً أن يصيبك الشك كونك تسلك طريقاً يعبر عن شخصك أم أنك مجرد نسخة مجبورة على ذلك نظراً لعوامل إجتماعية واقتصادية، ولكنني أقف حائراً أمام فرضيات الآخرين حول النسخة التي ينبغي أن يكون عليها الإنسان المثالي وكأن الكتالوج الخاص بالحياة قد أغلق صفحاته على هذا النحو.
من الممكن أن نملك تعريفات مختلفة عن الجمال، القبح، الهدوء، الإزعاج، المتعة، الملل، القلق، السكينة، لكن ليس من الحكمة أن نحاول وضع تعريفاً موحداً حول تلك الأشياء رغبة منا فقط في عدم التقبل وكأنه من الأسهل أن اغيرك عوضاً عن أن اتقبلك.
عالم كبير تضائل داخله شيئاً فشيئاً ليس بسبب صغر قدراتك لكن بسبب غرابتك عن ما هو مفترض ومفروض، ولكن هذا الطريق نهايته ليس أن يحتفي بك أحدهم نظير تميزك فيتفاقم إحساسك بذاتك؛ لكنه طريقاً نهايته أن تجد نفسك تعرف نفسك من تكون ولا تلتفت إلى كافة ما يحاول تشتيتك عن مبتغاك.
لقد قررت منذ فترة طويلة أن أكون أكثر مرونة في أن أتغير بالقدر الكافي للشعور بالتطور والنضج وليس للشعور بكسب قبول الآخرين، وفي لحظات متكررة أراقب ما يحدث دون أن أتحدث محاولاً فهم كيف نتصرف نحن البشر وهل تحركنا دوافع داخلية وقناعات أم أننا نتصرف فقط طبقاً لعرف المحيطين، وفي الحقيقة الأمر أصبح معقداً وملتبساً بسبب وتيرة التغييرات السريعة في تصرفات البشر والتي قد تدفعك للجنون.
ربما سوف يحدثك أحدهم عن لعنة القولبة سواء نطقها بالعربية الفصحى أو بالإنجليزية؛ ولكنه سرعان ما سوف يمارس عليك هذا الفعل لأن النظر إلى الأشخاص وسلوكهم بصورة معمقة تستدعي الفهم والتحليل والخروج بوجهة نظر مركبة هي مغامرة طويلة ومعقدة يمكن اختصارها في كلمة أو كلمتين يضعوا أحدهم تحت طائلة التصنيف السريع.
في بعض الأحيان تشعر أن عليك أن تلعن عقلك كثير التفكير والتحليل ودائم القلق وتتمنى لو كان مجرد أداة لفعل المهام المملة دون التفكير فيها.
سبتمبر ٢٠٢٣