الحب والكراهية

هل وجدت قلبً تتكئ عليه كي يقيك شر السقوط، أم أن سقوطك أصبح محتوماً؟ 
لقد كان سؤالاً صعباً كعادة الأسئلة التي اعتادت طرحها لتجعل عقلي شريداً لا يعرف هل ثمة إجابة يمكن للمرء العثور عليها أم لا.
السقوط محتوماً يا عزيزتي رغم ادعاء القوة من حينٍ لأخر، لقد أخبرني أحدهم منذ زمنٍ بعيد أن البقاء للأقوى ومن ثم مات ضعيفاً رغم ما كان يمتلك من قوة، الأشياء رغم صلابتها تهتز؛ تأتي الرياح فتهزم أوراق الشجر وتظل جذورها باقية، وهكذا نحن تأتي إلينا المحن فتتساقط قوتنا شيئاً فشيئاً ولكن ما دمنا نحب سنبقى حتى وإن أصاب الحب أحدهم بالجنون، فلعل جنون الحب أهون كثيراً من جنون الكراهية.
على ذكر الكراهية وجدت نفسي بين عشية وضحاها اُريد التخلص من هذا الشعور الفج، لقد أدركت أنه من الممكن أن يكرهني أحدهم ولكنني لا اريد كراهيته رغم ما أمتلك من أسباب تدفعني لهذا الشعور، على مدار السنوات المنصرمة أدركت بشاعة الكراهية وكيف تقتل صاحبها وأدركت أنه من الممكن أن أمتلك شعوراً رمادياً خارج التصنيف أفضل كثيراً من الكراهية، في بعض الأحيان أشعر أن لدي رغبة لتلك الرمادية فمن الممكن أن أمضي دون إبداء رأي الذي لا يهتم به العالم ويكفي فقط أن أردده داخل عقلي كي لا تتلف بوصلتي في تحديد مساري من الأشياء.
لقد بدأت أشعر أن تكرار جملة أننا خلقنا في كبد لم تعد لها دلالة على التدين وفهم الحياة ولكنها أخذت مساراً أكثر وحشية فأصبحنا نضع على عاتق الحياة كافة حماقتنا، في إحدى محاولاتي المستمرة للتصالح مع الحياة أدركت أن مشكلتي ليست معها ولكن مع من يعيدون صياغتها بأشكال يرون أن من يسير على خلافها ليس سوياً، صناعة المعارك أصبحت دليلاً للبعض على الوجود، الكلمات تفقد قيمتها شيئاً فشيئاً حتى أصبحت تتلاشى ما تحمله من مشاعر، وعلى الرغم من كل هذا نرى أن هذا طبيعياً.
أتدرين يا عزيزتي لقد كنت أمتلك أحلاماً كبرى عن تغيير العالم ومن ثم أصبحت بالكاد أحلم بتغيير نفسي وأن أنأى بها عن هذه الكراهية ولا يعد هذا دليلاً على الانهزام ولكنني أعتبره شيئاً من الحكمة والنضج أن أتوقف عن رؤية ما حولي قبل أن أرى ما بداخلي.
لقد تيقنت أن العيش بدون حب هو بمثابة الصلاة دون الدراية بالقِبلة لذلك لا اُريد فقدان هذا الشعور ما دمت أتنفس.
مايو ۲۰۲۱
Back to Top