إشعارات
منذ عدة أعوام حين أغلقت حسابي على فيسبوك أخذت عهداً على نفسي أن لا انجرف خلف ما يحدث في هذا العالم الافتراضي؛ ومع الوقت لبعض دواعي مراعاة الصحة النفسية أصبحت أيضاً أتوقف عن متابعة أي حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي وأبحث عن من أهتم بمتابعة أعمالهم دون أن أتورط في متابعة مشاعرهم اليومية -تعاستهم وسعادتهم- لأنني أدركت مدى التأثير النفسي الذي يلحق بي بعدها، حين كتبت مؤخراً بعضاً من الكلمات التي لم يتقبلها البعض وشرعوا في تصنيفي، وجدت نفسي حينها أفعل أكثر شيئاً غبياً قطعت على نفسي عهداً أن لا أفعله؛ وهو التسرع في كتابة ما يخطر ببالي كما يحاول فيسبوك دائماً أن يحرضني، لقد شعرت حينها أنني خالفت عهداً قطعته على نفسي منذ فترة بعيدة، ولكنني اُدرك الآن أنني سأتخطى تلك الفعلة سريعاً.
هناك صراع دائم داخلي حول أن أختفي وأتوارى عن هذا العالم الافتراضي وبين الرغبة في خلق مساحتي الشخصية التي أعبر فيها عن ما يجول رأسي بالإضافة لعملي الذي للأسف يرتبط جزءاً منه بهذا العالم الافتراضي، ولكنني أدركت أن الكثيرين في هذه الحياة يحاولون دائماً أن يجعلوا جميع الأشخاص عبارة عن نسخة منهم، إذا كتبت عن جمال أن تصعد للأعلى سيخبرني أحدهم كم أنا أحمق لا أدرك جمال الهبوط، ولو رشحت فيلماً أمتعني سوف يخبرني أحدهم عن كم جهلي لعدم مشاهدة فيلماً آخر؛ الجميع يحاول دوماً أن يجردك منك، أعتقد أنه من الجيد أن أتصالح سريعاً مع فكرة أن يكرهني أحدهم ويعاديني الآخر وأن يراني أحدهم الأكثر سوءاً، رغم كونها تبدو كفكرة عدائية ولكن أظن أن هذا سيجعلنا أكثر تقبلاً لبعضنا البعض.
أظن أنني مع الوقت سوف أكره كل ما يحمل اللون الأحمر لأنه يذكرني بتلك الإشعارات المزعجة التي لا أعرف كيف السبيل من الهروب منها ولم أعتد على إهمالها لفترات طويلة رغم سعي لذلك لكنني أيضاً أشعر بالخذلان حين يهمل أحدهم رسالتي، في بعض الأوقات أشعر أن الكلمات فقدت بريقها لأنها أصبحت تقال سريعاً دون تفكير ومع تتابع الكلمات يزول رونقها سريعاً.
كنت أتعامل مع فكرة الحظر -البلوك- على أنه تصرفاً قاسياً ولكنني أدركت مع الوقت أن القسوة هي أن تتحمل نقد أحدهم وتصنيفه طوال الوقت وكأنه صار إلهً، أن تشعر دائماً أننا في صراع نحقق من خلاله مكسباً وهمياً فقط يواري اخفاقاتنا الحياتية.
في النهاية أقولها غير أسفٍ لقد قطعت عهداً على نفسي؛ أنني سأظل أنا ولن أكون أنت أو أنتي؛ سوف أصمت حين اُريد، وسوف أتحدث بما أود، وسوف أكتب ما أقتنع به وليس ما يقنعك، وسوف أتتبع خطى عقلي وقلبي وليس عقلك وقلبك، سوف أتحمل عواقب الكلمة على نفسي؛ وسوف أتفهم خلافنا ولكنني أيضاً سوف أغض الطرف عن مهاجمتك كما لن يعنيني هجومك.
يونيو ٢٠٢٢