لا داعي

..غريب هذا العالم وغير منطقي
حين أفكر في الكثير من الأشياء التي تحدث من حولي أجد نفسي أردد جملة واحدة "لا داعي" حقاً لا داعي لكل هذا القتل وتلك الدماء التي تملأ العالم، لا داعي أن تحاول سلب حرية أحد لمجرد أنه يمتلك وجهة نظر تختلف عن وجهة نظرك،  لا داعي في أن تدفعني لكي تلحق بوسيلة المواصلات دون أن تلتفت لما قد يلحق بي من أذى، لا داعي من أن تطلق كلماتك تجاه إحداهن فقط لأنها امتلكت جسداً لم تختره، لا داعي في لفظ تلك الكلمات التي تجرح المشاعر بلا أي مبرر.
الحياة مليئة بالصعاب المختلفة التي يواجهها كلاً منا على حدة أو نواجهها مجتمعين، فمنا من يواجه فقره ومنا من يواجه مرضه ومنا من يواجه وحدته، الجميع يمتلك الكثير من الصعاب في حياته ولكن مع الأسف لا يكترث للصعاب التي يواجهها غيره ولا يدرك مرارة ما يعانيه غيره، هل فكرت ذات مرة في شعور تلك الفتاة التي تخوض معركة النزول من المنزل وتتمنى أن تسير بضعة أمتار دون أن تسمع كلمة تؤذي مشاعرها ومن ثم ينتهي يومها دون أن تتذكر حدثاً سيئاً مرت به خلال اليوم؟ 
أنا لا أتخيل عالماً مثالياً يتبادل ساكنيه الحب ويعانقون بعضهم البعض، لكني أتخيل عالماً لا يجد ساكنيه مبرراً في كراهية بعضهم البعض، فغير منطقياً أن أشعر في كل مرة أنزل فيها إلى الشارع أنني على أعتاب خوض معركة، معركة من أجل عبور الطريق ومعركة أخرى في أن أجد وسيلة مواصلات، تلك الأشياء حقاً ترهقني بلا داعي.
كل الأشياء التي تحدث والتي لم تحدث لا تستدعي كل هذه الكراهية، ستموت إذا كنت تؤمن بالبعث أو تكذبه، ستموت اذا كنت مؤمن أو تدعي الإيمان؛ إذا كانت مسلماً أو مسيحياً أو يهودياً أو بوذياً أو إذا كنت تعبد إلهاً من صنع يداك، نحن جميعاً على أعتاب تلك النهاية بمختلف أشكالنا ومعتقداتنا، فلا داعي أن تخلق أسباباً وهمية تدفعك أن تكرهني أو تدفعني أن أكرهك.
سبتمبر ۲۰۱٨
Back to Top